البوليل

معروف عن البوليل أنهم من العلي من الجعفر من عبدة من شمر يرجعون إلى عبيدة من قحطان ، وهذا بشهادة المرحوم / وادي بن بعيجان العلي أمير العلي في مركز الخوير قرب حائل في المملكة العربية السعودية وشهادة حميدي بن دهام الجربا شيخ مشايخ شمر في الشمال ، ونسب البوليل إلى العلي في الحقيقة لا يحتاج شهادات والبوليل أو الليلاوية هم سلالة محمد بن بشر العلي المعروف الذي نزح من حائل قبل زوال حكم العلي في حائل وتحوله إلى الرشيد ، وقد كان سبب النزوح موجات القحط والجفاف التي مرت بها الجزيرة العربية عموماً وحائل وضواحيها خصوصاً وقد كان نزوحهم في البداية إلى العراق إلى جوار قبيلة عنزة التي سبقتهم بالنزوح إلى جوار الفرات وقد قال في ذلك لأحد أصدقائه من قبيلة عنزة :


اليوم يا محسـن لوى روحـي الجـفــا * * * وما جابني الاّ ضـيقـة الـيـد والحــال
من فـوق الاجـفـر ثم جيـنـاكم احـلفـا * * * اشـيـوخ نجـد الـفـت على كل مدهـال
العـام حـنـا وجهـة الضيـف لـيـا لـفـا * * * واليــوم دون الشــط مضـعـن ونـزّال

والمعروف أن محمد بن بشر الخليل العلي واحد من شيوخ العلي وقد لقب بـ (راعي المرقاب) نظراً لعادته في نصب بيته على التلال والمرتفعات ليكون البيت وجهة للضيوف ، وهي علامة على الكرم والسخاء في أيام القحط والفقر .

وبعد نزوله مع من سار معه من فخذ العلي إلى بادية العراق ، استقر بهم الرأي على النزوح إلى بادية سوريا التي كانت جنة في تلك الأيام حيث لم يحبذوا مزاحمة القبائل التي استضافتهم على الماء والكلأ فرحلوا إلى بادية سوريا في منطقة يقال لها الظهرة على أحد روافد نهر الفرات ، وبعد استقرار المجموعة لفترة من الزمن في تلك المنطقة ونزول عدد آخر من القبائل الأخرى من أبرزها عائلة المنديل من الهذال من عنزة فقد ضاقت قبيلة العقيدات وقبيلة الجبور والزبيد المجاورة (وهي جميعها قبائل قحطانية نزحت من الجزيرة العربية) بكثرة القادمين إلى منطقة النهر وروافده وبدأت هذه القبائل بمضايقة القبائل التي استوطنت حديثاً والقيام بغزوهم أحياناً مما حدى بالعلي أن يبرزوا قوتهم ويوسعوا نفوذهم هناك فقاموا وإسمه بغزو العقيدات ليلاً وكان عدد العلي كبيراً وكان من بينهم فرسان لا يشق لهم غبار ، فلما أقبلوا على بيت شيخ العقيدات بنية الغزو صاح شيخ العقيدات مرحباً ... يا هلا بالضيوف يالله حي الرجال .. فبرد الغازون وأمرهم أميرهم بكف الغزو واستضافهم شيخ العقيدات وأكرمهم وزوج ابنته لأميرهم وتحالف معهم ، وأطلق عليهم الليلاوية أو البوليل بسبب غزوهم الليلي على العقيدات ، وقد قام البوليل بدور بارز في مقاومة الاحتلال التركي لسوريا وساعدوا العقيدات والقبائل الأخرى في ذلك ، كما أنهم ناصروا المنديل من الهذال في حربهم المعروفة بـ (صيحة حصة) على الجبور حينما قام أحد سفهاء الجبور برفع ثوب واحدة من بنات المنديل بعصا أثناء مرورها فصاحت وهب لنجدتها جميع المنديل وناصرهم البوليل فقتلوا ذلك السفيه وطردوا الجبور من المنطقة حتى أجلوهم خلف نهر الخابور (أحد روافد الفرات في سوريا) ، وهي المعركة التي لقب فيها المنديل بـ (البو خابور) بسبب اسم هذا النهر .

وقد عاش البوليل منذ ذلك الحين في بادية سوريا وأصبحت لهم منطقة تسمى باسمهم في ضواحي دير الزور ويعيش أغلب أحفاد إبراهيم في قرية السيال ونخوتهم اخوان وضحا وخيلهم (الدهم) ، وقد رحل عدد منهم لاحقاً إلى غرب العراق على شكل مجموعات (الوهيب) ، ورحل آخرون أفراداً إلى العراق ثم عاد الكثير منهم إلى نجد وشمال المملكة بعد الرخاء والاستقرار الذي حصل في عهد الدولة السعودية ومعرفهم حالياً في السعودية محمد بن وادي بن بعيجان أمير مركز الخوير ، وشيوخهم في سوريا يقال لهم الهيال وهم من سلالة محمد بن بشر العلي وقد لقب جدهم بالهيال لشدة كرمه وسخاءه الذي كان ينهال على الضعفاء والمحتاجين ، ويقول فيه أحد شعراء القصيم:

سموك أبو الهيال من هيل يمناك ... والا انت بـيـّن من سناعيس حايل

والجدير بالذكر أن العلي (الكبير) له ولدان أحدهما خليل والآخر رشيد ويرجع البوليل إلى الخليل الذي حكموا حائل والقصيم لأكثر من 200 عام ، أما الرشيد فهم الذين حكموا حائل قبل الحكم السعودي لمدة 90 عاماً وكان لهاتين العائلتين أمجاداً وبطولات يعرفها القاصي والداني ..

أضف إلى ذلك أنهما ينحدران من سلالة شهوان بن منصور بن ضيغم أصحاب الملك الكبير في الجزيرة العربية ونجد في القرن التاسع والعاشر الهجري ، وقد وصف أحد شيوخ القبائل ملكهم بالتالي :

من باب نجران ٍ إلى باب عمـّــان ... ما هي لنا يالضيغمي أنت أميره

وقال شهوان :

لنا منزل ٍ بين الافلاج والحسـا ... وما بين صنعـا والسليل اوجود

وقد كانت عاصمة ملكهم تثليث ونخوتهم الضياغم ، وخيلهم (الدهم) وهم أحفاد عبيدة بنت الزير سالم زوجة جدهم روح بن مدرك ومنها اكتسبوا لقب العبيدي ، وجدهم عبدة بن زيد بن جذيمة بن حبيب بن قيس بن شمر بن عبد جذيمة بن زهير بن ثعلبة بن سلامان بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء الذي ذكره امرؤ القيس في شعره .

وهم الضياغم المعروفين (أصحاب السيرة) الذين نزحوا من اليمن إلى نجد بعد انهيار سد مأرب بقرون حيث كان الجدب والفقر الذي تلا انهيار السد سبب نزوحهم فيقول الأمير شهوان :

وادي من الامحـال عاف آل ضيغم ... وياما جــنينا من وراه الفـــــوايد
ويا ما زما نبته وحارت محاجره .... وياما ارتكا وقت السنين الشدايد

وقد انطلق شهوان بن منصور بن ضيغم وراشد بن منيف بن ضيغم (أبناء عمومة) كل في ناحية باتجاه نجد واستولى كل منهم على ما وقعت عليه يده من أراضي ، وقد عرف عن فارس بن شهوان أن ما دخل قرية أو بلدة إلا حكمها وورد عنه :

يقول العبيدي والعبيدي فارس .... عمر الفتى يفنى وتبقى فعايله
ملكت بحد السيف تسعين قريةٍ ... والحمد للي عمني في فضايله

وقد حصل انشقاق بين أبناء راشد بقيادة (عمير وعقيل) ، وأبناء شهوان بقيادة (عرار) وخاضوا حرباً ضروساً فيما بينهم استمرت سنيناً عديدة تفرق بها شملهم ودخل الأتراك فيما بينهم فنصروا عمير على عرار وكان فارس بعيداً عن هذه الحرب إلى أن انتحر أخوه عرار بعد خسارته الحرب وتفرقت جماعته ورحل والده شهوان إلى تيما قرب حائل وكان فارس مشغول بتوسيع حكمه حيث حكم جميع ضفاف الخليج والجزء الجنوبي الشرقي من إيران وقرى شط العرب في العراق فعاد بجيش من العجم من هناك وقاتل الأتراك وأبناء عمه (أخوته من أمه عمير وعقيل) في منطقة يقال لها سميلة وانتصر عليهم في المعركة وقتل فارسهم الشهير (أخوه لأمه عقيل) بالخطأ لأنه لم يكن يتذكر ملامحه ولم ينتبه لذلك أثناء غبار المعركة فقال :

جاني الخبر من والدي مع قبيلته .... يذكر على تيما هزايل رحـــايله
جريت شقران اللحى من بلادهم .... ولا عاد لي بالترك حيل ٍ أحايله
نادى المنادي في منــــارة فارس .... اللي صـديق ٍ لي يـدني زمـايـله
ترا أولهم ياطاعلى صم من الحصى ... واتلاهم ياطا على رمال هايله
وورّدتـــهم جـو ٍ يسمى سميله .... ألحـق توالي القوم واجدي أوايله
أولهم مشروبه الصافي من الجم .... واتلاهم يشرب من توالي هفايله
قالو نريد اللي غزينا من اجلهم .... والترك ما يصغون لو كان عايله
شرطت للعـلاّم تســعيـن بـكـــرة ٍ ... واعيـاني العلام ذهبت حمايله
ووصلنا فريق ٍ نازلين ٍ سميله .... من صلب ضيغم كلهم من سلايله
ساعة وصلناهم نشبنا بحربهم .... والريع وديـــــانه من الدم سايله
اليا اقبلوا ردّوا علينا وسبلوا .... وصارت علينا كسرة من قبايله
ليا قلت كفوا ضعنهم زاد طعنهم .... ثنا عجيل عند تالي زمـايـله
عجيل ٍ بريع البكر بأوطان شمر ..... ألا واظنا قلبي ألا واغلايله
أخوي من امي ليتني ما ذبحته ..... حطيت به رمح ٍ طويل ٍ شلايله
قطعت يدي بيدي وعيني فضختها ... ياعنك ذا شوف ٍ قليل ٍ دلايله
والله لولا الكثر لاعداد خيلنا .... ما ينثني من قومي الا قلايله
يقودهم بالحرب سيف ٍ مجـــرّب ٍ .... عجيل بن راشد كبار ٍ وهايله
يا ما جدع بالسيف من راس خيّـر ٍ .... خلّه بالبيدا علابيه مايله

ويلاحظ في القصيدة مدحه لأخيه من أمه وابن عمه عقيل وندمه على قتله ، كما يلاحظ أصل المثل المأثور عن شمر (كبار ضعون وساع طعون) في شطر (ليا قلت كفوا ضعنهم زاد طعنهم )

وبعد انتصاره على بني راشد ، سار فارس إلى تيما لاحقاً بأبيه فاحتلها ثم أكمل طريقه إلى جبال طئ (حائل) التي كانت تسكنها بعض قبائل طيء التي سبقتهم بالنزوح إلى الشمال ويرأسهم (بهيج بن ذبيان) الذي كانت عاصمة ملكه (عقده) جوار حائل فانتصر عليه فارس بن شهوان في معركة حاسمة وحكم على إثرها حائل وغير مسمى جبل طئ إلى جبل شمر وجعل حائل عاصمة لملكه وتلاه بعد ذلك العلي في حكمهم لحائل ثم الرشيد ، حيث يقول الشاعر :

قبلك بهيج ٍ حدروه السناعيس .... من عقده اللي ما يحدر قناها

وقد بلغ حكم شمر عصره الذهبي في عهد فارس بن شهوان فقد حكم فارس بن شهوان جميع ضفاف الخليج وجزء من إيران وجنوب شرق العراق وأغلب نجد والجزيرة العربية وجزء من الأردن الحالي ( وهي مساحة تزيد على مساحة المملكة حالياً) .

هذا غيض من فيض ، وقد تتبعت الأسماء من محمد بن بشر الخليل العلي إلى الجعفر إلى عبدة إلى شمر إلى عبيدة قحطان إلى آدم عليه السلام ، فوجدت الكثير من البطولات والتاريخ المشرف للعلي خصوصاً ولشمر وطيء عموماً أنظر تسلسل الأسماء :


محمد
بشر
خليل
علي (الكبير)
عطية
خضير
جعفر (ومنه اشتق فخذ الجعفر)
محمد
شهوان
منصور
ضيغم
منيف (المعضد)
جابر
علي
عبد الرب
ربيع
سليمان
عبد الرحمن
روح
مدرك
عبد الحميد
مدرك
عبدة (امرؤ القيس) ومنه اشتق فخذ عبده
زيد
جذيمة
حبيب
قيس
شمر (ومنه اشتق اسم القبيلة)
عبد جذيمة
زهير
ثعلبة
سلامان
ثعل
عمرو
الغوث
طيء (جلهمة) أبو القبائل الطائية جميعها ، وأخوه مالك (مذحج) أبو أغلب قبائل قحطان الحالية
أدد
زيد
يشجب (عمرو)
عريب (مالك)
زيد
كهلان
سبأ (عامر)
يشجب
الهميسع
سلامان
تيمن
نبت
حمل
قيدار
يعرب
اسماعيل (عليه السلام) ، وهو جد عدنان وبعض قحطان
إبراهيم (عليه السلام)
آزر
تارح
ناحور
شاروخ
أرغو
فالغ
قحطان
عابر (هود عليه السلام)
شالخ
أرفخشاد
سام (أبو العرب وبني إسرائل والشعوب البيضاء ، وأخوه حام أبو الأفارقة والهنود والباكستانيين ، وأخوه يافث أبو الشعوب الصفراء (الفلبين ، اليابان ، كوريا ، أندونيسيا ، فيتنام ، تايلند ، منغوليا والترك ...)
نوح (عليه السلام)
لامك
متوشلخ
إخنوخ (إدريس عليه السلام)
يارد
مهلائيل
قينان
أنوش
شيث (عليه السلام)
آدم (عليه السلام)


ويكفي العرب فخراً أنهم أحفاد سلالة 7 أنبياء من أنبياء الله الكرام ، وكل العرب والمسلمين خير وبركة ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى