شهداء السادس من أيار

شهداء السادس من أيار: الوقود الأول لشعلة الحرية

لم يكن ذاك الضابط العثماني الأرعن يعرف –

ومن أين له أن يعرف- أنه حفرقبر إمبراطورية
كاملة وحفر قبره عندما أعطى أوامره بإعدام كوكبة

من أهم مثقفي ومفكري
ومجاهدي بلاد الشام في السادس عشر من أيار عام 1916 نعم دخل جمال باشا التاريخ -

ومؤسف أن يدخله أمثاله-
ولكن أي فرق وأي مفارقة بين أن تدخل هذا
التاريخ من بابه الخلفي المظلم كسفاح ملعون

وأن تدخل من بابه الواسع المضيء
شهيداً مخلداً في الدنيا وفي الآخرة.
لم يكن هناك مطمع لشهداء 6 أيار في دمشق وبيروت إلا الحصول على الحرية بعد
قرون قهر وإذلال وقمع وظلم

«والبغي مرتعه، ومبتغيه وخيم»

وهو «ظلمات في الدنيا والآخرة ».

كانوا يرون أمم الأرض تنهض بعد رقدة وتعز بعد ذلة وترتفع بعد هوان
فحلموا أن تعود أمة العرب إلى سالف عهدها منارة للأمم فنصبت لهم المشانق في
دمشق وبيروت ولكن أحرار الشام لم يتهيبوها فهي «أرجوحة الأبطال» كما قال
الشهيد عبد الغني العريسي. رب همة بعثت أمة وقد بعث شهداء 6 أيار أمتهم بعد طول رقاد.

تتفق الكثرة الكاثرة من السوريين على أن يوم السادس من أيار يعد من أيام
العرب الخالدة والمشهودة في تاريخهم، لذلك يجلون هذا اليوم ويتذكرون عبد
الوهاب الإنكليزي وجورجي حداد ورشدي الشمعة، شكري العسلي، عمر الجزائري،
محمد علي الأرمنازي، عبد الغني العريسي، عبد الحميد الزهراوي وعمر حمد الذي
ترك لنا وصيته شعراً:
سماعاً بني العرب الأكرمين
أباة التواني حماة الذمم
أفيقوا فمن نام عن حقه
عراه الأذى ولواه العدم
رعى الله شعباً يريد العلى
ويطلبها تحت خفق العلم
إذا لم نقم قومة حرة
ونرجع عهداً طواه القدم
فأين الفخار الذي ندعي
وأين الإباء وأين الكرم؟
لقد كان عمر حمد أصغر الشهداء عمراً ومن يصنع الثورات ومن يغير مسار
التاريخ غير الشباب ومن يترك ندبة لا تزول
على جبين الظلم غير الشباب ألم
يقل رسول الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم «إنما نصرت بالشباب».
زال ظلم جمال باشا السفاح ولكنه ترك وراءه يوماً سيظل رافداً ومحركاً
ورافعاً لكل من ينشد الحرية ويطلبها بدمه.
ترك ألوية للفخار ومناراً يوحي

إلى جيل الغد العزيمة والأمل والتصميم ويحيى فيهم الإرادة.
من بين عشرات بل مئات القصائد التي تضمها دواوين الشعراء العرب يتوقف المرء
مطولاً عند ما قاله الشاعر سليمان العيسى الذي وصل إلى أعمق وأبعد نقطة في
التعريف بقيمة الشهيد:
ناداهم البرق فاجتازوه وانهمروا
عند الشهيد تلاقى الله والبشر
ناداهم البرق فاختاروه أغنية
خضراء ما مسها عود ولا وتر

قال رشيد سليم الخوري:
خير المطالع تسليم على الشهدا
أزكى الصلاة على أرواحهم أبدا
فلتنحي الهام إجلالاً وتكرمة
بكل حر عن الأوطان مات فدى
أكرم لجبل غدا للعرب رابطة
وعقدة وحّدت للعرب معتقدا
تلك الجبابرة الأبطال ما ولدت
للمجد أمثالهم أم ولن تلدا

إن الجود بالروح «أقصى غاية الجود» وفي تاريخ سورية المعاصر ألوف الشهداء
الذين ما بخلوا بأغلى
ما يملكون من أجل سورية ومستقبل سورية ورفعتها ومجدها
فبعد كوكبة شهداء السادس من أيار قاد البطل يوسف العظمة مجموعة من رجال
آمنوا بما أنزل الله سبحانه «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً
بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله».

وتسابقوا من أجل الاستشهاد في سبيل الله وسبيل سورية، طلبوا الموت لكي توهب
الحياة لها، فتحوا صدورهم للنار فجلسوا في صدر التاريخ أباة أعزاء مخلدين،
من يطلب يد الحرية لابد أن يكون مستعداً لدفع مهرها الغالي.
«وللحرية الحمراء باب -- بكل يد مضرجة يُدق».

قوافل الشهداء تترى حاديها الحرية والكرامة والدم يستسقي الدم في سبيل عزة الوطن.
وردة على قبر كل شهيد وهب سورية دمه القاني، وردة لكل أم شهيد قالت ما
قالته جدتها الخنساء التي استشهد أولادها في القادسية:
«الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم وأسأله أن يجمعني معهم في الجنة» ولا عزاء للجبناء ولا مكان لهم في التاريخ.

ما زالت ساحة الشهداء في مرجة دمشق وستبقى شاهدة على نبلهم وما زالت رائحة
دمهم الزكي تعطر القلوب فيا أيها الذاهب إلى هناك

قف دقيقة صمت واتل فاتحة الكتاب على أرواحهم وقل لهم ما تريد فهم يسمعون.
في هذه الأيام التي تمر بها سورية التي دفع شهداء السادس من أيار ومن جاء
بعدهم أرواحهم من أجلها لابد أن يكون للعيد معنى آخر

وبات معلوما للجميع إن للحرية والكرامة ثمناً غال , فالوطن والحرص على مستقبل الأجيال لتعيش بقيم إنسانية

رفيعة لن تتحقق إلا بالتضحيات الجسام وينبغي أن يكون مفهوم

معاني حدود الحريات مبنية وفق أسُس و مبادئ قيمنا وأخلاقنا في ديننا الحنيف
كمسلمين , كما أن ضوابط ومعاير دين الإسلام في مضمونه وجوهره

أرسى قاعدة عظيمة للقيم الإنسانية الخالدة في الحرية , فقد قال سيدنا عمر رضي الله عنه
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.

وقيمة أخرى لابد أن نزداد تصميماً على التمسك بسورية بأهداب العين ونياط القلب.

الخلود للشهداء والمجد لحماة الوطن - وبقيت سورية شامخة - وحماها الله من الفتن

د مُ ا لــــشـــهـــيـــد ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مهداة إلى شهداء بلادي الخالدين
بمناسبة 6. أيار ، عيد الشهداء ..

سقط الشهيدُ .. دمُ الشهيد منارُ
نور على درب الكفاح .. ونارُ

زرعوكَ .. فاخضرّت صخور ُ بلادنا
بوركتَ .. إن دمَ الشهيد بذارُ

أعطيت آلاف الغلال .. فهللي
يا أمةً .. غنّتْ بها الأشجارُ

وشقائقُ النعمان .. في وديانها
قدسيةٌ .. وتلالها أزهارُ

كم كوثر يجري بها .. مترقرقاً
سحراً .. وكم تشدو بها .. الأنهارُ

روّى البلادَ دمُ الشهيد .. فهزّها
و استيقظتْ .. إذ لفّها الإعصارُ

يا أمتي انحسر الظلامُ .. فصفّقي
هوذا يسير على الجبال .. نهارُ

الزارعُ الأمجادَ .. فوق تلالها
وغداً يجيءُ .. الحاصد الجبارُ ..

وطني الذي زرع الدماءَ .. فأينعتْ
فبيادرٌ .. حرية وفخارُ ..
* * * * * * *
* * * * *
* * *

مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنقول

لدمشق والشهادة والشهداء معنى وقيم وتاريخ

لدمشق حارسة العرب والعروبة ... لدمشق مهد الديانات ...
لدمشق التي شد
الرحال منها قادتها الى أصقاع الدنيا لاقامة أول دولة عربية جبارة ...
لدمشق المدينة التي تداخلت فيها العبقرية والأسطورة

لدمشق التي فتحت أبوابها للضيف وردت أعداءها بالسيف ...لدمشق الرقم
الصعب التي لاتنام على الضيم لدمشق وللمرجة وسطها التي تنبض بتاريخ شعب
أبي أحب الحياة وفيها سجل للأبطال والشهداء وهي رمز لدمشق الخالدة.. لدمشق
العزيزة بكبرياء التشرينين ...

لدمشق مع شهري أيار من كل عام وقفة وذكرى ..
لدمشق في أيار وقفة

تأمل مع شهداء العروبة وأمثولة بما فعل الآباء
والأجداد وساحة المرجة سجل يحمي قصص الأبطال الذين علقوا على المشانق في
السادس من أيار عام 1916.‏‏

لدمشق مع أيار ذكرى تعود لعام 1945 عندما دفعت ضريبة بطولتها
ومقارعتها للمستعمر الفرنسي فكانت مدفعية المستعمر وطائراته بالمرصاد لدمشق
الأبية فدمرت أحياءها ومبانيها وكان البرلمان السوري شاهداً على همجية
المستعمر حين قام يوم 29 أيار بالاعتداء عليه وعلى حاميته.‏‏

وسورية اليوم كما كانت بالأمس تقف عملاقة في وجه كل الرياح العاتية
لترد الأذى عن كل العرب لأنها استلهمت روح بطولات شعبها الأبي وشهدائها
على مر العصور الذين حققوا النصر وبقيت على عهدها الى اليوم حيث لاتفريط

بالحقوق الوطنية والقومية ولذلك كانت شامخة كقاسيونها وبطولات شهدائها
الذين قدموا الغالي والنفيس حباً بأوطانهم ودفاعاً عن حقوقهم وكرامتهم.‏‏

فلدمشق العزة ولشهدائنا الأبطال الخلود والرحمة .‏‏

رحم الله شهدائناواسكنهم الجنهوحفض الله وطننا وجعله امن مستقرامين

» كوكبة شهداء ضياغم البوليل