جدار الفصل العنصري والقدس
عزل وحصار وتهجير
إعداد
الدكتور/يوسف كامل إبراهيم
فلسطين- غزة - جامعة الأقصى
"إذا حصلنا يوماً على القدس، وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً فيها لدى اليهود، وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قرون"(1) بهذه الكلمات القصيرة لخص هرتزل زعيم الصهيونية السياسات (الإسرائيلية) المنظمة تجاه القدس منذ احتلالها عام 1948، والتي تكرست أثناء احتلال (القدس الشرقية) وضمها عام 1967على أيدي (الحكومات الإسرائيلية) المتعاقبة، فمدينة القدس باتت اليوم أكثر عزلة عن محيطها الفلسطيني، بسبب إجراءات الحصار والعزل والإغلاق المفروضة على المدينة، والتي توجت ببناء جدار الفصل العنصري في محيطها حيث صادر هذا الجدار مساحات إضافية من أراضيها وحول المدينة إلى غيتو كبير تحيطه المستوطنات اليهودية من جميع الجهات وتشكل مدينة القدس رمزية الصراع الديني والحضاري العربي الصهيوني، واستمرار سياسة التهويد على أرض القدس وسكانها وأماكنها المقدسة منذ احتلال القسم الغربي من المدينة في حرب عام 1948، واستكمال احتلال القدس عام 1967، وقد اعتمدت السلطات الصهيونية على مجموعة من الوسائل والطرق لإحكام سيطرتها على القدس ومنها :
• مصادرة الأرض
• بناء المستوطنات
• تهجير الفلسطينيين من موطنهم في القدس
• وإحلال المستوطنين اليهود مكان العرب
• وإزالة معالمها العربية والإسلامية وإفقادها طابعها الديني والحضاري
القدس في الفكر الصهيوني:
بقيت فكرة العودة إلى أرض الميعاد، حاضرة في الذهن الصهيوني إلى أن جاءت الحركة الصهيونية المعاصرة وأعادت صياغة ذلك المفهوم، بشكل سياسي معاصر أدت ترجمته إلى قيام الكيان الصهيوني الحالي، وقد امتلأت أسفار التوراة والتلمود بفكرة العودة إلى أرض الميعاد، وأنها ستحقق في الأرض المقدسة على يد (المخلص) الذي يقوم بجمع يهود الشتات والعودة بهم إلى أرض الميعاد واتخاذ القدس (أورشليم)، عاصمة له ويعيد بناء الهيكل فيها. لهذا أخذت القدس بعداً مركزياً في الخطاب الصهيوني لحشد الأنصار من أوساط الجاليات اليهودية في الشتات وتوجيههم للهجرة إلى فلسطين.
دائرة المعارف (Jewish Encyclopedia)(2 )، بدورها شرحت معنى الصهيونية فقالت: «إن اليهود ينبغي أن يحزموا أمرهم وأن يأتوا للقدس ويتغلبوا على قوة الأعداء، وأن يعيدوا العبادة إلى الهيكل مكان المسجد الأقصى، ويقيموا ملكهم هناك»(3)
القدس في فترة الانتداب البريطاني:
مع وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني بدأت مرحلة تغيير جذري في الواقع الجغرافي والسكاني في المدينة تمثل في إحداث انقلاب في الميزان الديموغرافي لصالح المستوطنين اليهود تواطأت فيه سلطات الانتداب البريطاني، مع المنظمة الصهيونية العالمية، بالنظر لما تحمله القدس من موقع رمزي بالنسبة للمشروع الصهيوني، كمشروع استعماري استيطاني مغلف بلبوس توراتي مزيف.
وقد حدث هذا الانقلاب عبر العمل في اتجاهين، توجيه مكثف للهجرة اليهودية نحو القدس، ودفع المخططات الهيكلية للمدينة باتجاه الغرب حيث تنمو الأحياء الاستيطانية اليهودية.
فمع بداية الانتداب أخذت السلطات البريطانية بتوسيع حدود بلدية القدس (التي كانت تأسست في العهد العثماني عام 1863) في اتجاه الغرب بشكل يتيح ضم المستوطنات اليهودية إلى المدينة وإبقاء القرى العربية خارجها حيث امتد خط حدود المدينة كيلومترات عدة من الجهة الغربية بما شمل مستوطنات جعفات شاؤول، وثكنات منتفيوري، وبيت هاكيرم، وثكنات هبوعليم، وبيت فجان الذي يبعد 7كم عن أسوار المدينة القديمة، بينما اقتصر امتداد هذا الخط من الاتجاه الشرقي على بضعة مئات الأمتار، ووقف على مداخل القرى العربية المجاورة: الطور، وشعفاط، ولفتا ودير ياسين، سلوان، العيسوية وبيت جعفان.
ففي عام 1921 جرى ترسيم حدود المدينة وضم قطاع بعرض 400م على طول الجانب الشرقي للمدينة القديمة، إضافة إلى أحياء وادي الجوز وباب الساهرة، ومن الناحية الشمالية حي الشيخ جراح، وانتهى الخط عند سور المدينة القديمة فقد شملتها الحدود الجديدة بسبب احتوائها على تجمعات استيطانية يهودية كبيرة، إضافة إلى بعض التجمعات العربية: القطمون والبقعة الفوقا والتحتا والطالبية والوعرية، والشيخ بدر ومأمن الله.
ففي عام 1946 جرى توسيع مخطط المدينة مرة أخرى باتجاه الغرب أيضاً وجرى ضم الأحياء اليهودية الجديدة التي بقيت خارج التنظيم السابق، وقد بلغت مساحة هذا المخطط 20199دونماً، وتوسعت المساحة المبنية في القدس من 4140 دونماً عام 1918 إلى 7230 دونماً عام 1948.
ومن الناحية السكانية فقد أدى تركيز الهجرة اليهودية على القدس وتوجيه توسع حدود المدينة باتجاه استيعاب التجمعات الاستيطانية اليهودية إلى إحداث انقلاب سريع في الميزان الديموغرافي داخل المدينة لصالح اليهود، فعلى سبيل المثال: استوطن 7,40% من المهاجرين اليهود في عام 1922 في القدس، وفي عام 1930 استوطن 1,30% من هؤلاء المهاجرين في القدس.
وقد وصل عدد سكان القدس عام 1922 إلى 5,62 ألفاً منهم 1,28 ألفاً من العرب3,93 و 9,33 من اليهود. وفي عام 1931 وصل عدد سكان المدينة إلى 5,90 ألفاً منهم 2,39 ألفاً من العرب و 2,51 ألفاً من اليهود ومن عام 1944 وصل العدد الكلي إلى 1,157 ألفاً منهم 2,49 ألفاً من العرب و97 ألفاً من اليهود وفق الإحصاءات الرسمية.
ووفق إحصاءات وردت في تقرير المندوب البريطاني في هيئة الأمم المتحدة عام 1947 فقد بلغ عدد سكان القدس القديمة 36 ألفاً منهم 6,33 ألفاً من العرب و2400 من اليهود أما (القسم العربي) من القدس الجديدة فقد ضم 39 ألفاً منهم 30 ألفاً من العرب و9 آلاف من اليهود، أما القسم اليهودي من القدس الجديدة فقد بلغ عدد سكانه 89,500 ألفاً منهم 1500 العرب و 88 ألفاً من اليهود, وبذلك يكون سكان القدس في نهاية عهد الانتداب البريطاني 5,164 ألفاً منهم 5\65,1 ألفاً من العرب و 99,4 من اليهود.
وفي ذلك الحين كانت الأحياء العربية خارج القدس القديمة تضم: باب الساهرة، الشيخ جراح، المصراوة، النبي داود، كولونية اليونان، وادي الجوز، ماميلا، دير أبو ثور، وادي النياح، البقعة الفوقا، البقعة التحتا، الطاليية، النمرية، القطمون، الشيخ بدر، الراتزبون.
أما القسم الغربي من المدينة فقد ضم الأحياء الاستيطانية اليهودية التالية: روميميا، رحافيا، نحلات صادق تزكرت موشيه أرفونا، يمين موشيه(مونتفيوري) سنهداريا، نفي شعتان رحاما أرفونا، جعفان شاؤول، زخرون يوسف، بيت يسرائيل، كرم إبراهيم، نحلات صهيون، ميكور حاييم، شخونات هابوعليم، بيت هاكيرم، جعولا، كريات شموئيل، شعاري حيد، موشيرم، ملكورباخ.
وقد استغلت (سلطات الاحتلال الإسرائيلية) التطورات التي تعيشها القضية الفلسطينية في ظل انتفاضة الأقصى منذ سبتمبر 2000م، وقامت بتوظيفها من أجل خلق واقع جغرافي تتركز ملامحه في إحكام سيطرتها على المناطق الحيوية في (القدس الشرقية) لمنع تطورها وتهميش التجمعات الفلسطينية وتحويلها إلى جزر منفصلة عن بعضها البعض من جهة ومنفصلة عن امتدادها في الضفة الغربية من جهة أخرى
والحقائق على الأرض تشير إلى نجاح التهويد العمراني والديمغرافي، مما يشكل خطراً على الوجود العربي فيها، حيث تشير الإحصاءات والدراسات إلى أن ما بقي من (القدس الشرقية) خارج دائرة التهويد يصل إلى 21% فقط، في حين تم الاستيلاء على حائط المسجد الأقصى الجنوبي الغربي (حائط البراق) بطول 47 متراً وارتفاع 17 متراً ليكون مكاناً يصلي فيه اليهود حسب طقوسهم الدينية المزعومة وليطلق عليه زوراً "حائط المبكى"
كما تم تعديل التركيبة السكانية للمدينة لتصل إلى حد المساواة بين العرب واليهود فيها (200 : 170 ألف نسمة)، ناهيك عن تغيير المعالم والهدم والطرد المستمر للسكان العرب في محاولة لإضعاف الموقف العربي الإسلامي إزاءها, من جهة أخرى يحاول اليهود حصر حق المسلمين فيها بالحرم الشريف وحق المسيحيين بكنيسة القيامة، ولذلك اتجهت الحلول (الإسرائيلية) المقترحة لمستقبل المدينة لتقديم الحل الديني أو الوظيفي الإثني مع استبعاد الحل السياسي إلا في جانبه الرمزي فقط، وذلك حتى تبقى السيادة والأمن (إسرائيليين) في المدينة.
وتشكل جميع الممارسات الصهيونية السابقة الممارسات الأخطر على واقع القدس والمقدسيين من الناحية الاجتماعية والاقتصادية التي من خلالها تسعى السلطات الصهيونية لتغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي وذلك للوصول إلى النقطة الأخيرة من خطط إحكام السيطرة على القدس بمفهومها الواسع والمتمثل (بالقدس الكبرى).
الاستيلاء على المدينة:
مع قيام (إسرائيل) بإحكام قبضتها على المدينة، شكلت لجنة بلدية موسعة تتألف من أفراد وممثلين عن لجنة الجالية (فاعد هكهيلاه)(4) والأحياء اليهودية لممارسة مهامها، ثم قامت وزارة الداخلية في كانون ثاني 1949 بتعيين مجلس بلدي جديد، وفي تشرين الثاني 1950، ونظرا للأهمية الدينية للقدس من وجهة نظر الصهيوني، فقد وضعت خطة الاستيلاء الصهيوني على المدينة المقدسة ضمن المخطط العام لاحتلال فلسطين أي منذ صدور تصريح بلفور ورعاية السلطات البريطانية إقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين، فقد سهلت سلطات الانتداب للمنظمات الصهيونية احتلال معظم قطاعات المدينة الحديثة التي تم الاستيلاء عليها قبل انتهاء الانتداب البريطاني رسميا, وكانت مذبحة دير ياسين يوم 9 نيسان 1948 التي قامت بها منظمة أرغون الصهيونية من أجل دفع الفلسطينيون للهجرة من مدينة القدس
ولدعم مركز (إسرائيل) في القدس الجديدة قامت سلطات الاحتلال في الفترة بين 1948-1967 بعدد من الإجراءات لمصادرة الأراضي رمت إلى تهويد المدينة بعد أن هجرت سكانها العرب.
وسائل وطرق التهويد لمدينة القدس:
• أولاً: الطرد الصامت
لجأت (إسرائيل) منذ اليوم الأول لاحتلالها (القدس الشرقية) إلى وضع سياسة سكانية مجحفة بحق الفلسطينيين، اعتمدت على مواقف (الحكومات الإسرائيلية) المتلاحقة والتي وضعت أسسها حكومة حزب العمل منذ عام 1967 منطلقة من مبدأ تحجيم وتقليص عدد الفلسطينيين في القدس بما لا يزيد على 24% من النسبة العامة لسكان القدس (بشطريها).
وفي عام 1992 شكلت (وزارة الداخلية الإسرائيلية) لجنة للتحقيق في ضم أراضى تقع شرقي المدينة، حيث أكدت هذه اللجنة على إبقاء النسب السكانية التي حددت في العام 1967م وبناءً على نفس التقرير الذي قدمته لجنة "كبرسكي" لوزارة الداخلية فإن نسبة اليهود في القدس ستصل إلى 77% من الحجم العام للسكان في عام 2020م وذلك بالعمل على زيادة عدد المستوطنين اليهود داخل حدود (البلدية) جنبا إلى جنب مع زيادة الاستيطان في المستوطنات المحيطة بالمدينة التي تقع خارج حدودها الحالية، الجدول التالي يوضح وضع المهاجرين العرب من مدينة القدس بسبب الإجراءات (الإسرائيلية) حتى عام 1993.
16.917 هجرة من القدس إلى خارج البلاد منذ عام 1967
12.080 هجرة من القدس إلى خارج حدودها (البلدية)
7.630 كانوا خارج البلاد عندما وقع الاحتلال عام 1967 وعليه لم يشملهم الإحصاء (الإسرائيلي) ولم يحصلوا على حق المواطنة في القدس منذ ذلك الحين.
المصدر : جامعة بيرزيت مركز دراسات وتوثيق المجتمع 1998.
ثانياً : سياسة تضييق الخناق على السكان العرب :
اتبعت سلطات الاحتلال مجموعة من الإجراءات التعسفية ضد السكان العرب بهدف تقليص تنامي هؤلاء السكان ولعل أهم هذه الإجراءات هي :
• تحديد حجم وأماكن رخص البناء :
فلقد عملت (السلطات الإسرائيلية) وفق سياسة تجميد البناء العربي داخل حدود (البلدية) ولضمان ذلك ماطلت في إعداد مخططات هيكلية للمدينة والتي بدونها لا يُسمح قانونياً بالبناء، لكن في عام 1970 وبموجب خارطة هيكلية جزئية شملت البلدة القديمة والمناطق المحاذية مثل الطور ووادي الجوز، وسلوان، والثوري، رأس العمود، والمنطقة الجنوبية من القدس بمساحة إجمالية قدرها 10800 دونم، فقد أعطيت لأول مرة منذ الاحتلال رخص تسمح للعرب بالبناء ولم يزد عدد هذه الرخص عن 50 رخصة فقط و أمام الضغط الناتج عن هذه السياسة اضطرت بلدية الاحتلال إلى إحداث تغيير راديكالي عام 1971 ومنحت العرب نحو 400 رخصة مقابل 7000 رخصة منحت لإقامة شقق سكنية للمستوطنين اليهود بالقسم الشرقي من المدينة، والجدول التالي يبين عدد الحيازات المنزلية للعرب بـ(القدس الشرقية)
بين العامين
1972
1983
البلدة القديمة
4000
4500
بيت حنينيا /شعفاط
2300
4600
العيسوية /الطور
1900
3300
الشيخ جراح /باب الساهرة
1100
1400
سلوان /الثورى
2500
3300
عرب السواحرة / صور باهر / بيت صفافا
1400
3300
المجموع
13200
20400
ثالثاً : السكان
وللوصول إلى هدف تحجيم وتقليص التواجد السكاني الفلسطيني في المدينة فقد أوجدت سلطات الاحتلال نظاما قهريا فيما يتعلق بسياسة ترخيص المباني السكانية وغيرها، وحصرتها بصورة غير مباشرة في التقدم بطلبات رخص فردية للبناء وإخضاعها لسلم بيروقراطي وظيفي مشدد بحيث تمضي سنوات قبل أن تصل إلى مراحلها النهائية وعلى الرغم من أن (السلطات الإسرائيلية) المعنية بالإسكان في (القدس الشرقية) قد وافقت على 30.000 وحدة سكنية للمستوطنين في أيلول عام 1993 م إلى أنها لم تعط التراخيص اللازمة لبناء 10.000 وحدة سكنية للفلسطينيين، برغم إقرار بلدية الاحتلال في القدس في عام1980 م بأن فلسطيني القدس بحاجة ماسة لبناء 18.000 وحدة سكنية فورا. ومن ناحية أخرى لقد وظف الاحتلال عدة اتجاهات أخرى في هذا الجانب أهمها عدم السماح بارتفاع المباني العربية في (القدس الشرقية) لأكثر من طابقين أو ثلاثة مما يحد من إمكانيات التوسع العمراني العمودي.
وأمام النقص المتزايد في أعداد الشقق المتاحة للسكان العرب داخل حدود بلدية الاحتلال في القدس لم يكن هناك مفر سوى البحث عن مساكن خارج حدود هذه البلدية إما بالضواحي المجاورة للمدينة أو في المدن الأخرى مثل رام الله والبيرة، وهكذا فإن هذا الاتجاه يحقق بصورة غير مباشرة أحد الأهداف التي خططت لها (إسرائيل) في مسألة التهويد.
وإزاء مشكلة تسجيل السكان الذين يهاجرون من المدينة المقدسة قسرا، بسبب الإجراءات (الإسرائيلية) بمنع البناء رد "كوليك" رئيس بلدية الاحتلال السابق في مقابلة مع جريدة الأنباء (الإسرائيلية) بتاريخ 15/8/ 1980 : "إن الجهات المختصة لم تأخذ حتى الآن بطاقة هوية من أحد، وقد توصلت البلدية إلى اتفاق مع المسؤولين في وزارة الداخلية، وتم الحصول على قرار حكومي بعدم المس بمواطن عربي يضطر للبحث عن حل للضائقة السكنية خارج حدود المدينة"، وبخلاف مشكلة ترخيص البناء يعاني السكان العرب وخاصة الأزواج الشابة من مشكلة الحصول على سكن حيث لا يكون بوسعهم سوى الهجرة من المدينة إلى المناطق المجاورة وتحتد المشكلة إذا كانت الزوجة لا تحمل هوية القدس بحيث لا يسمح لها بالإقامة في المدينة مما يعزز مسألة الهجرة لدى الأزواج الشابة ويحد ذلك من النمو الطبيعي للسكان العرب.
رابعاً: المناطق الخضراء والمحميات الطبيعية
لقد تم انتهاج سياسة تم بموجبها وضع أراضي فلسطينية صالحة للبناء والتوسع العمراني تحت بند المناطق الخضراء والمحميات الطبيعية وحرمان الفلسطينيين من استخدامها لأغراضهم السكنية، في الوقت ذاته يتم استغلال هذه الأراضي لبناء وحدات سكنية استيطانية بشكل مكثف عليها بعد أن تتم مصادرتها.
و لربما أوضح مثال على ذلك هو مصادرة أراضى جبل أبو غنيم جنوبي مدينة القدس الذي يمتلكه فلسطينيون من بيت ساحور وأم طوبا، وتبلغ مساحته 1850دونما كانت قد أعلنت عنه (السلطات الإسرائيلية) مناطق خضراء تابعة لأراضي الدولة اليهودية ومؤخرا أعلنت عن موافقتها على إتاحة إقامة حي استيطاني عليه يستوطنه 45.000 مستوطن، في حين أن سكان أم طوبا الفلسطينيين والأحياء الفلسطينية الأخرى يعانون من ضائقة سكنية فعلية و يحرمون من التوسع عليه، ومع بدء تنفيذ البناء الاستيطاني على الجبل فإن الحزام الاستيطاني حول القدس من الجنوب سوف يكتمل ليشكل حزاما عازلا بين جنوب الضفة الغربية ومدينة القدس،
سياسة هدم وإغلاق المنازل
لقد انتهجت سلطات الاحتلال سياسة هدم وإغلاق المنازل، الفلسطينية في القدس، إضافة للأساليب السابقة ولأجل الأهداف نفسها (بحجة البناء بدون ترخيص) وفي أغلب الأحيان لأسباب سياسية، ما أدى إلى إبقاء 21.000 نسمة في ظروف معيشية صعبة في القدس تعيش إما في كهوف أو أكواخ خشبية أو خيام، وإذا استطاع هؤلاء الأفراد بناء منازلهم مرة أخرى فسيعرضهم ذلك إلى هدمها مرة أخرى لأن الأراضي التي بنيت عليها أراضى فلسطينية أخضعتها (إسرائيل) لمناطق تخطيط وبناء للأحياء الاستيطانية أو تعلن عنها مناطق خضراء، فقد أعلنت سلطات الاحتلال عن 86% من أراضى (القدس الشرقية العربية) إما مناطق استيطان أو أراضى خضراء، أبقت على 14% فقط من المساحة الكلية للتوسع الفلسطيني المقدسي، والتي تم البناء عليها في الغالبية الساحقة. الجدول التالي يوضح عدد البيوت المهدمة في القدس ما بين 1967- 1980
السنة
(القدس الشرقية)
1967
64
1968
66
1969
73
1970
94
1971
127
1972
22
1973
10
1974
26
1975
31
1976
8
1977
-
1978
-
1979
3
1980
4
المجموع
548
وكانت هذه الإجراءات جزءا من إجراءاتها ضد المناطق المحتلة. وقد استندت فيها إلى قانون أموال الغائبين ( 31/3/1950) الذي صادرت بموجبه كل أملاك اللاجئين الفلسطينيين الذين اضطروا إلى ترك ديارهم، بالإضافة إلى أملاك السكان العرب الذين بقوا تحت الحكم (الإسرائيلي) ولكن اضطروا إلى تغيير أماكن إقامتهم والجدول التالي يوضح حجم مصادرة الأراضي في بعض مناطق القدس
منقول بتصرف